قصة قصيرة
" الكاتب والجنية"
مدينة عجيبة !!! يأوي سكانها لمنازلهم مع غروب الشمس... ،لا صوت؛ لا ضوء، سوى نعيق البوم وظلام الليل؛ الذي يكسو الطرقات بوشاح أسود طويل لايعرف منتهاه .. منزل قديم ، متهالك تظنه لأول وهلة أنه مهجور ! لكنك إذا فتحت بابه ..تجده صامت ، ذو أثاث بسيط ،تعلوه الأتربة وتفوح منه رائحة العفن، فالنوافذ المكسوة بستائر رمادية مغلقة منذ سنوات ،سكنها العنكبوت... وهو جالسٌ على مكتبه وكأنه تمثال حجري منحني على أوراقه صامت، يخيل لنا أنه نسي لغة الكلام، فلايوجد من يتكلم معه ...فتعلم لغة الصمت لولا حركة يده حينما يغمس الريشة في المداد ويخط فوق أوراقه المتناثرة فوق مكتبه؛ الذي غابت ملامحه من كثرة التراب... أوراق وأوراق ظل لسنوات يكتبها،يكتب أحلامه؛ آماله ،وكلما أنهى ورقة أزاحها بيده لنهاية المكتب، إما أن تظل أو تقع على الأرض... ليست مشكلة فهو لايأبه لشيء، سوى أن يكتب ؛ويكتب... كلها أماني وأحلام لايستطيع تحقيقها، فيخرجها لعالمه فقط على أوراق، ملّتْ حركة يده ،وريشته صرخت؛ تألمت من ضغطات أصابعه عليها، بالرغم من تضميد المداد لها ..وعُمْرٌ مضي وعمر سيمضي وهو جالس خلف مكتبه لايعبأ بالزمن ..وعلى الحائط مصباح قديم لايعرف الكاتب من أين أتى أو مَنْ اشتراه ووضعه هكذا ،حتى أنه لم يفكر كيف يظل المصباح منيرا دون أن يملأه بالزيت !!لم يسأل نفسه كيف يعمل هذا المصباح الذي اعتلته الأتربة، ولم يفكر يوم بتنظيفه أو فركه لإزاله الأتربه من عليه .، ولا يعلم أن هذا المصباح تسكنه جِنّيّة مسحورة ظلت بداخله لسنوات وسنوات تراقب هذا الكاتب حتى أحبته ،ولكنها ترثي على حاله ،فتراه يكتب ويكتب وهي لاتعرف القراءة،لا تعلم أنه يحلم بعالم أفضل ولايعلم هو أنها الوحيدة القادرة على تحقيق احلامه ...كل ليلة بعد غروب الشمس وحلول اليلل الأليل يقترب من المصباح ...تلمسه يداه... تظنه سيمحو التراب عنه ويفركه لتخرج هي وتلبي طلباته وتنعم بقربه ،ولكنه يشعله ويجلس ليكتب وحينما يغلبه النعاس يضع مرفقيه تحت رأسه ؛فوق مكتبه ،ويروح في سبات عميق ..تخرج هي متلصصةً لتحقق أحلام الفقراء ؛الذين يلحون في الدعاء ،وتصل أصواتهم لعنان السماء ،يطلبون من رب العباد أمانيهم البسيطة فتسمع أصواتهم وتلبي طلباتهم ،فتسعد بابتسامة طفل جائع يستيقظ ليجد الخبز الى جواره ،أو حين تجد فتاة فقيرة ثوب جميل بخزانتها .. أحلام الفقراء بسيطة سهل تحقيقها .. فتطير بأجنحة شفافة بين منازل الفقراء وتقف كل ليلة خلف شباك أحدهم تسمع دعائه؛ وتطلب من الله أن يعينها على تحقيقه ..ثم تعود قبل شروق الشمس إلى المصباح ليصحو الكاتب من غفوته ويطفئ المصباح ويأوي لفراشه حتى الظهيرة، وهو لا يعلم أي كنز يملك .. ملَّتْ الجنية الانتظار فالأيام تتشابه والكاتب يعيش في سجن أفكاره وأحلامه ، لا يعرف أن السعادة على بعد خطوات ..قررت الجنية أن تتركه لعالمه وتبحث عن عالم آخر ،تبحث عن مصباح آخر تعيش بداخله ،حتى يشعر بها شخص آخر ،يمد يده ويفرك المصباح لتخرج هي بجمالها وأنوثتها الطاغية لتسحره وتأخذه لعالم مسحور تلهو بعقله وتفتنه لتفتح له أبوابا يظن أنها مغلقه،تسير به في دروب من خيال..سراديب تتسع في خياله ليعيش معها حلم يتمني الاقتراب منه، خرجت الجنية من المصباح وتحررت من قيد حبه ولكنها تركت نورها يضيئ المصباح حتى ينتهي المداد ولا يبقى من زيت المصباح قطرة، فتظلم الدنيا من حوله ويظل سجين ظلام احلامه
" الكاتب والجنية"
مدينة عجيبة !!! يأوي سكانها لمنازلهم مع غروب الشمس... ،لا صوت؛ لا ضوء، سوى نعيق البوم وظلام الليل؛ الذي يكسو الطرقات بوشاح أسود طويل لايعرف منتهاه .. منزل قديم ، متهالك تظنه لأول وهلة أنه مهجور ! لكنك إذا فتحت بابه ..تجده صامت ، ذو أثاث بسيط ،تعلوه الأتربة وتفوح منه رائحة العفن، فالنوافذ المكسوة بستائر رمادية مغلقة منذ سنوات ،سكنها العنكبوت... وهو جالسٌ على مكتبه وكأنه تمثال حجري منحني على أوراقه صامت، يخيل لنا أنه نسي لغة الكلام، فلايوجد من يتكلم معه ...فتعلم لغة الصمت لولا حركة يده حينما يغمس الريشة في المداد ويخط فوق أوراقه المتناثرة فوق مكتبه؛ الذي غابت ملامحه من كثرة التراب... أوراق وأوراق ظل لسنوات يكتبها،يكتب أحلامه؛ آماله ،وكلما أنهى ورقة أزاحها بيده لنهاية المكتب، إما أن تظل أو تقع على الأرض... ليست مشكلة فهو لايأبه لشيء، سوى أن يكتب ؛ويكتب... كلها أماني وأحلام لايستطيع تحقيقها، فيخرجها لعالمه فقط على أوراق، ملّتْ حركة يده ،وريشته صرخت؛ تألمت من ضغطات أصابعه عليها، بالرغم من تضميد المداد لها ..وعُمْرٌ مضي وعمر سيمضي وهو جالس خلف مكتبه لايعبأ بالزمن ..وعلى الحائط مصباح قديم لايعرف الكاتب من أين أتى أو مَنْ اشتراه ووضعه هكذا ،حتى أنه لم يفكر كيف يظل المصباح منيرا دون أن يملأه بالزيت !!لم يسأل نفسه كيف يعمل هذا المصباح الذي اعتلته الأتربة، ولم يفكر يوم بتنظيفه أو فركه لإزاله الأتربه من عليه .، ولا يعلم أن هذا المصباح تسكنه جِنّيّة مسحورة ظلت بداخله لسنوات وسنوات تراقب هذا الكاتب حتى أحبته ،ولكنها ترثي على حاله ،فتراه يكتب ويكتب وهي لاتعرف القراءة،لا تعلم أنه يحلم بعالم أفضل ولايعلم هو أنها الوحيدة القادرة على تحقيق احلامه ...كل ليلة بعد غروب الشمس وحلول اليلل الأليل يقترب من المصباح ...تلمسه يداه... تظنه سيمحو التراب عنه ويفركه لتخرج هي وتلبي طلباته وتنعم بقربه ،ولكنه يشعله ويجلس ليكتب وحينما يغلبه النعاس يضع مرفقيه تحت رأسه ؛فوق مكتبه ،ويروح في سبات عميق ..تخرج هي متلصصةً لتحقق أحلام الفقراء ؛الذين يلحون في الدعاء ،وتصل أصواتهم لعنان السماء ،يطلبون من رب العباد أمانيهم البسيطة فتسمع أصواتهم وتلبي طلباتهم ،فتسعد بابتسامة طفل جائع يستيقظ ليجد الخبز الى جواره ،أو حين تجد فتاة فقيرة ثوب جميل بخزانتها .. أحلام الفقراء بسيطة سهل تحقيقها .. فتطير بأجنحة شفافة بين منازل الفقراء وتقف كل ليلة خلف شباك أحدهم تسمع دعائه؛ وتطلب من الله أن يعينها على تحقيقه ..ثم تعود قبل شروق الشمس إلى المصباح ليصحو الكاتب من غفوته ويطفئ المصباح ويأوي لفراشه حتى الظهيرة، وهو لا يعلم أي كنز يملك .. ملَّتْ الجنية الانتظار فالأيام تتشابه والكاتب يعيش في سجن أفكاره وأحلامه ، لا يعرف أن السعادة على بعد خطوات ..قررت الجنية أن تتركه لعالمه وتبحث عن عالم آخر ،تبحث عن مصباح آخر تعيش بداخله ،حتى يشعر بها شخص آخر ،يمد يده ويفرك المصباح لتخرج هي بجمالها وأنوثتها الطاغية لتسحره وتأخذه لعالم مسحور تلهو بعقله وتفتنه لتفتح له أبوابا يظن أنها مغلقه،تسير به في دروب من خيال..سراديب تتسع في خياله ليعيش معها حلم يتمني الاقتراب منه، خرجت الجنية من المصباح وتحررت من قيد حبه ولكنها تركت نورها يضيئ المصباح حتى ينتهي المداد ولا يبقى من زيت المصباح قطرة، فتظلم الدنيا من حوله ويظل سجين ظلام احلامه
دلال أحمد الدلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق