قصة رجل مدمن .. قصة قصيرة .. بقلم الأديب/ أحمد بيومي ..
طرق عنيف على الباب .. أسرعت هدى ذات الخامسة عشرة ربيعاً تفتح الباب .. وبمجرد
أن فتحته يندفع رجل مفتول
العضلات يحمل سيفاً من سيوف البلطجية في الأحياء الشعبية المصرية إلى داخل صالة
الشقة المتواضعة وخلفه مجموعة
من البلطجية .. تصرخ هدى مستنجده بأخيها مراد .. مراد .. مراد الحقني يمسك الرجل
بهدى من ذراعيها بعنف وهو يصرح ..
أنت فين يا إبراهيم يا عشري ..؟ أطلع وريني نفسك يا حرامي ..؟ فين الفلوس إللي عليك
يا روح أمك ..؟ أنت عاوز تشم
وتعمل مزاج وتفلسع ..؟ يخرج مراد من غرفته ويقف مباشرة أمام الرجل .. فيه ايه ..
فهمني ومين الحرامي إللي بتقول عليه
ده يبقى والدي .. ووالدي موظف محترم في الحي ..؟ إنت أتجننت وسيب البنت دي
وكلمني أنا .. يصرخ الرجل إبعد ياض من
وشي أحسن أجيب رقبتك ورقبة السنيورة دي .. يدرك مراد خطورة التهور في مواجهة
هؤلاء الناس الذين أحتلوا منزلهم
فينادي على والده يرجوه أن يخرج ويشرح للناس إنه ليس الرجل المقصود .. فيخرج الأب
منكسراً وعيونه زائغة .. وهو يوجه
كلامه للرجل .. عيب كده يا معلم محمود .. سيب البنت .. وخدني أنا ..؟ يضحك الرجل
بهستريا وإنت تساوي كام علشان
أخدك .. ياخدك ربنا يا بعيد .. أنا راح أخد السنيورة دي رهن .. لحد ما ترجع الفلوس إللي
عليك يا خفيف .. يرد مراد بعصبيه
ممكن أعرف إنت ليك كام عند بابا .. قبل ما تتحرك من هنا .. يرد الرجل أوك عليه 25 ألف
جنيه يا باشمهندس .. طفح بيهم
مخدرات .. وقال إنه راح يدفعم الشهر إللي فات .. ومشفناش وشه من يومها وبيقول إنه
خلاص ربنا تاب عليه وبطل .. يسرع
مراد إلى داخل غرفته ويخرج بعد عدة دقائق وهو يحمل في يده 15 ألف جنيه كان قد
جمعها من أجل شراء شبكه لإبنة
الجيران الجميلة منى التي يعشقها .. أخدها الرجل من يده وهو يقول يبقى باقي 10 الآف
جنيه أنا راح اطلع راجل معاكم
واعطيكم إسبوع تدبروهم ماشي .. يطلق سراح الصغيرة هدى ويمضي من حيث جاء
وخلفه عصابته .. تفقد هدى الوعي
وتسقط على الأرض واجتمع الجيران وأهل الحي يشاهدون ما حدث دون أن يتدخل منهم
أحد ونظرات الاستهجان والشماتة
والإحتفار في عيونهم وهم ينظرون إلى جارهم الذي دمر نفسه وأسرته من أجل الإدمان ..
ثم انفضوا في هدوء ..
فأغلق مراد
باب منزلهم .. حزن مراد على رؤية أبيه في هذا الموقف السيء ولكنه لم يوجه لأبيه أي
كلمة مهينة أو كلمة لوم .. وأخذت
الدموع تترقرق في عينيه .. حينها أحتضن الرجل إبنه وقبله وأجهش بالبكاء قائلاً .. الله
يرضى عليك يا بني .. سترتني
وسترت أختك .. روح الله يسترك ويعوض عليك .. أنا غداً سأذهب إلى إحدى مصحات
معالجة الإدمان ولن أخرج من هناك إلا
وأنا معافى أو إلى القبر .. في اليوم التالي أختفى الأب .. وقرر مراد أن يأخذ أخته ويبحث
لهم عن مسكن آخر حتى لو كان
إيجار قانون جديد .. لم يمر إسبوع حتى قابل مراد أحد رجال الأعمال كان يتردد على
الشركة التي يعمل بها واعجب بنزاهته
ووسامته وإخلاصه وعرض عليه أن يستقيل من تلك الوظيفة المتواضعة على أن يعمل
لديه
براتب ثلاث أضعاف ما يحصل عليه
.. فأخبره إنه يتقاضى 3 الأف جنيه في الشهر .. فقال له غدا راتبك 10 الآف جنيه ..
وسأعطيك راتب 3 أشهر مقدماً لتستعد
بشراء بعض الملابس المناسبة مع تخصيص سيارة لك ومسكن .. كاد مراد أن يسقط
مغشياً عليه من الفرحة .. وأخذ يتمتم
سبحان الله .. هل استجاب الله لدعوة والدي المدمن ..؟ لم يتردد مراد في تسديد دين
والده وعندما أستقر في عمله وفي
المسكن الجديد .. ذهب ليبحث عن والده في جميع المصحات وعندما عثر على إسمه في
إحداها وذهب لزيارته .. أخبروه
إنه قد توفي بالأمس ودفنوه في إحدى مقابر الصدقة ..
تمت .. قصة قصيرة ..
بقلم الأديب / احمد بيومي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق