رمضان
راحت موَدِّعةً أيامُ إفطاري
واستنفرت هلعًا من أمرِ جبّارِ
فالشهرُ صارَ على الأبوابِ مَطلعهُ
والنفسُ تلهو ومازالت بأوطارِ
تحيا بدنيا كأنّ العمرَ أوّلُهُ
أو كان عيشي ربيعًا بين أزهارِ
نامت بغفلتِها عن يومِ مَشهَدهِ
فيه السُّؤالُ وأنّى الرَّدُّ للعاري
في موقفٍ ذُهِلَت أحلامُ من عَمَروا
أرضَ التّوَهُّمِ حتى جيءَ بالنارِ
هناك يُعرَفُ مَن صَحَّت سريرَتُهُ
عمّن أتى كذِبًا يبكي بأعذارِ
لا ينفعُ العبدَ شيئٌ من سفاهتهِ
إلا صلاةً وصومًا في رضى الباري
والموتُ موعدهُ للغافلين بدا
في سَكرةٍ أَخَذَت أحوالَ سُمّارِ
لكنّ رحمتَهُ في الناسِ قد سبقت
بالصومِ يوقظُ من ناموا بأوكارِ
كذا الفرائضُ منجاةٌ ومغفرةٌ
وهي الدّواءُ لمن يدعو لإعمارِ
في تركِ مأكلِهم والشُّربِ غَيَّرهم
من غارقينَ لمن جَدّوا بإبحارِ
فالصّومُ صَبّحَهم بالصّبرِ صيّرهم
كالصابرين ففازوا آخِرَ الدارِ
والليلُ صلّوا عشاءً بعد فرحتِهم
صلّوا التّراويحَ صفًا خلفَ مِزمارِ
كان الكتابُ دليلًا حاضرًا معهم
أنّ الختامَ بأرضِ المِسكِ للقاري
واللهُ يذكرُهم في ذكرِههم فغَدوا
عندَ الملائكِ أطهارًا بأطهارِ
فيه التُّقى شرفٌ للصّائمينَ بهِ
أصلُ الولايةِ في صومٍ بأسرارِ
قد خصّصَ اللهُ للصُّوامِ في عدنٍ
بابَ الكرامةِ في الرَّيانِ والجارِ
فالصّومُ ليس له يوم الحسابِ غدًا
إلا الجِنانُ بوعدٍ منهُ غفّاري
إذا أتى رمضانُ اللهُ أعتقنا
من شِدَّةِ الهَولِ إرضاءً لمُختارِ
محمدٍ سيّدي فاللهُ كرّمنا
من أجلهِ وصيامي مَحضُ إقرارِ
لا يَقبلُ اللهُ صبرًا عن محبّتهِ
فالصّبر ذنبٌ كبيرٌ جا بإصرارِ
قد يُغفرُ الذنبُ مهما كان مَبلَغهُ
إلا قلوبًا خَلَت عن نورهِ السّاري
لولاهُ ما عرفَ الإسلامُ نشوتَهُ
فاللهُ أرسلَهُ شمسًا لأقمارِ
عليهِ منّي سلامًا والصّلاةَ بها
ألقى رسولَ الهدى من دونِ أوزاري
مصطفى محمد كردي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق