الجمعة، 30 يونيو 2017

قصيدة/ ياسمين والملك...الشاعر/ ياسر عياد...المحررة ياسمينةالكاشف/ تحياتي.
ياسمين والملك
----"----"----"----
في يومٍ من الايام صعد الملك إلى شرفة قصره أعلى البرج ، يتفقد ما حول القصر ، فرأى إمرأة فائقة الجمال على سطح دارٍ تجاور قصره ، فسأل جاريته قائلاً  : من هذه ؟
فقالت: يامولاي هذه ياسمين زوجة غلامك حسان

نزل الملك وقد خامره فتنة جمالها وشغف بها ، وقرر أن تكون له ولو لليلة ، فاستدعى الغلام حسان
قال حسان :  قال لبيك يامولاي .
قال الملك : خذ هذا الكتاب وامض به إلى القيروان وآتني بالرد ، أخذ حسان الكتاب ، وتوجه إلى منزله ، ووضع الكتاب تحت رأسه بعد أن جهّز أمره وبات ليلته مع زوجته ، وفي الصباح ودّع زوجته ياسمين وسار طالبًا حاجة الملك ، وهو  لا يعلم بما قد دبّره الملك .
ولما غادرحسان قام الملك مسرعًا وتوجه متخفيًا إلى دار علامه حسان ، وقرع الباب قرعًا خفيفًا ،
قالت امرأة فيروز : من يطرق الباب ؟
قال: أنا الملك سيد زوجك ، ففتحت له فدخل وجلس.
فقالت له: أرى مولانا اليوم عندنا .
قال: جئت زائرًا .
فقالت : أعوذ بالله من هذه الزيارة ، وما أظن فيها خيرًا .
فقال لها : ويحك إنني الملك سيد زوجك وما أظنك عرفتني .
فقالت : بل عرفتك يامولاي ولقد علمت أنك الملك ، ولكن سبقتك الاوائل في قولهم :

سأترك ماءكم من غير وِرْدٍ      
وذاك  لـكـثـــرة  الــورّاد  فـيــه
إذا سقط الذباب على طعام      
رفعتُ يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب  الأسود  وِرْدَ  ماءٍ      
إذا كان الكلاب وَلَـغْـنَ فيه
ويرتجع الكريمُ خميصَ بطنٍ      
ولا يرضى مساهمة السـفيه.

وما أحسن قول الشاعر :
قل  للذي  شفه  الغرام  بنا
       وصاحب الغدر غير مصحوب
والله   لا  قال   قائل  ابدًا
   قد  أكل  اللـيـث  فـضـلة  الذئب
ثم قالت: أيها الملك، أتأتي إلى موضعِ شُرْبِ كلبك تشربُ منه ؟
فاستحى الملك من كلامها وخرج وتركها ، ونسي نعله في الدار... هذا ما كان من الملك.
أما ما كان من حسان ، فإنه لما خرج وسار تفقد الكتاب فلم يجده معه ، فتذكر أنه وضعه تحت فراشه ، فرجع إلى داره ، فوافق وصوله عقب خروج الملك من داره ، فوجد نعل الملك في الدار ، فطاش عقله وعلم أن الملك لم يرسله في هذه السفر إلا لأمر يفعله ، فسكت ولم يبد كلامًا ، وأخذ الكتاب وسار إلى حاجة الملك فقضاها ، ثم عاد اليه فأنعم عليه بمائة ألف دينار .
ثم مضى حسان إلى السوق وأشترى هدايا ثمينة ، وأتى إلى زوجته ، فسلم عليها وقال لها : قومي نزور أهلك ، إن الملك أنعم علينا ، وأريد أن تُظهري لأهلك ذلك .
قالت : حبًا وكرامة .
ثم قامت من ساعتها وتوجهت إلى بيت أهلها ففرحوا بها ، وبما جاءت به معها ، فأقامت عند أهلها شهرًا ، فما ذكرها زوجها ولا ألتفت إليها .
فأتى إليه أخوها وقال له يا حسان : إما أن تخبرنا بسبب غضبك وإما أن تحاكمنا إلى الملك .
فقال : إن شئتم الحكم فأفعلوا فما تركتُ لها عليّ حقًا .
فطلبوه عند الملك فأتى معهم ، وكان القاضي حين ذاك عند الملك جالسًا إلى جانبه .
فقال أخو ياسمين : أيّد الله مولانا القاضي ، إني أجّرتُ هذا الغلام بستانًا سالم الحيطان ببئر ماء مُعين، وأشجار مثمرة ، فأكل ثمره، وهدم حيطانه وخرّب بئره.
فألتفت القاضي إلى حسان
وقال له : ما قولك ياحسان فيما يقول ؟
رد حسان قائلاً : أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان وسلمته إليه أحسن مما كان .
فقال القاضي : هل سلّم إليك البستان كما كان ؟
قال : نعم ، ولكن أريد منه سبب إرجاعه .
القاضي : وما قولك يا حسان ؟
قال حسان : والله يامولاي ما رددت البستان كراهية فيه وإنما جئت يومًا من الأيام فوجدت فيه أثر الأسد فخفت أن يغتالني ، فحرمت دخول البستان إكرامًا للأسد .
وكان الملك متكئًا فأستوى جالسًا ، وقال : أرجع يا حسان إلى بستانك آمنًا مطمئنًا ، فوالله إن الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثرًا ، ولا ألتمس منه ورقًا ولا ثمرًا ولا شيئًا ، ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة ، وخرج من غير بأس ، ووالله ما رأيت مثل بستانك ولا أشد احترازًا من حيطانه على شجره .
فرجع حسان إلى داره مع زوجته ، ولم يعلم القاضي ولا غيره بشيءٍ مما حدث .
بقلم ياسر عياد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق