قصيدة/ مقامة الغيث بعد الشدة...الشاعر/ عبدالمجيد با عياد...المحررة ياسمينةالكاشف /تحياتي.
مقامة الغيث بعد الشدة --
الكاتب الاديب /عبدالمجيد محمد باعباد
مقامة الغيث بعد الشدة
الحمد لله البعيد في قُربه، القريب في بعده، المتعالي في رفيع مجده، عن الشيء وضده، يبدىء ويعيد، ويمتحن العبيد، ثم يفتح لهم أبواب جوده الوافر وفضله المديد. ((" وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد "))
اما بعد....
بعد أن أجدبت الأرض وطالت علينا الشدة،وقلت الأمطار سنيناً عدة، فأتى الله بالفرج من عنده ،فسقانا غيثاً غزيراً قطره،
، ورزقنا من خزائن نعمه ورفده، قال تعالى: (مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ)
إن لله تعالى في عباده أسرار ، لا تدركها الأفكار ، وأحكام ، لا تنالها الأوهام . . أمسك الغيث عن عباده عاماً بعد عام، فخاض كل منهم في بحر دمعه وعام.وساءت الظنون بظن السحاب، واشتاق التراب إلى سماع وقع الرباب. وظمأت الحياض، وعبست وجوه الرياض.
؛ وأذكت الشمس حرها ، ومنعت السماء رداها ؛ واكتست الأرض غبرة بعد خضرة ، ولبست شحوبا بعد نضرة ؛ورجفت الأكباد فزعاً ، وذهلت الألباب جزعاً ؛
فبينما هم يجرون أذيال الكآبة، ويرفعون الدعاء إلى مواطن الإجابة، تداركهم الله بألطف الخفي، وانثال عليهم المن الحفي، ونظر الله عليهم بعين حكمته، وحرك ساكن الرخاء لتجري بنعمته،(( وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته))،ثم بسط الله نعمته ، وأتاح منته ، وأزاح محنته .
فبعث الله الرياح وأخرجها من كنائنها ، وبعثها من خزائنها ؛فمدت أعناقها، وجدت إعناقها وركضت عادياتها، وجرت على أحسن عاداتها، فأقلت سحاباً ثقالاً،وكونت غماماً لا تجف جفونها ، ولا يخف أنينها، وألبست السماء جلبابها . وهي تجري بأذيالها،وقد مدت على الآفاق قبابها ونطاقها ، وزارت على أعناق الجبال أطواقها ،فلما تراكمت هذه السحائب، واجتمعت حولها الكتائب، واتسع صدرها، واستحكم أمرها،والتحم فتقها ، والتأم رتقها ؛وتهدل خملها ، وحان وضعها وفصال حملها،، لم تلبث حتى انحل خيط السماء ،و انقطع شريان الغمام،و أنهتك رواقها ، وأنبتك وشيكاً نطاقها ،وانبرت مدامعها تبكي بأجفان المشتاق ، غداة الفراق ،
فاستغربت الأرض ضحكا ببكائها ، واهتز رفات النبات طربا لتغريد مكائها ،وانسكبت بطلها وطشها، وسكنت رهج الغبراء برشها، وأروت الحرة برذاذها وهطلها، وأذهبت الحرقة بديمها ووبلها، وآثرت بجودها وجودها، والأرض قد فتحت لها أفواها ، وجرعت أمواها ،
حتى أخذت ريها من المطر ، وبلغت منه غاية الوطر ،، فبشرت بالقطر كل شائم ، وأنذرت بالورد كل حائم ،
(ومزنةٍ جادَ من أجفانِها المطرُ ... فالروضُ منتظمٌ والوردُ منتثرُ))
((ترى مواقعَه في الأرض لائحةً ... مثلَ الدراهمِ تبدو ثم تَسْتَتِرُ))
ما زال يلطمُ خدَّ الأرض وابلُها ... حتى وقتْ خَدَّها الغدرانُ والخُضَرُ)
كم أبدت إحساناً وبراً،، وأسدت معروفاً، وأغاثت ملهوفاً، وساقت إنعاماً، وسقت حرثاً وأنعاماً، وكفت هماً حين وكفت، وقرطت اّذان الأغصان وشنفت، وأنعشت أمواتاً، وأخرجت حباً ونباتاً، وكم نقعت غليلا،ونفعت عليلا،وملأت حياضا، وأذلت دراً مصوناً، وشرحت صدوراً، وأقرت عيوناً،ونشرت مطرفاً بعد الطي " وقد علم كل حي في الحي قوله :(وجعلنا من الماء كل شي حي) وصدع ليل اليأس صبح الرجاء ، وخلع عامل البأس وإلى الرخاء . ذلك تقدير اللطيف الخبير ، وتدبير العزيز القدير..
فأمسى الناس في عيشة راضية، يرفلون في حلل الرفاهية،
وقلوبهم ناعمة بعد بؤسها ، ووجوههم ضاحكة أثر عبوسها ؛ وأثار الجزع من صدورهم ممحوه ، وسور الثناء في أفواههم متلوه ؛ وألسنتهم مشتغلة بشكر علام الغيوب، وقلوبهم مطمئنة بذكره ((" ألا بذكر الله تطمئن القلوب ")) .
فخرجت شاكراً لله على جلائل آلائه ودقائق نعمائه.ورأيت الطرقات بالمياه ممتلئة ،والبرك متلالئه ،والكثبان والجدران متبلله ،والمسارب متهدله،والسواقي متدفقة،والضياع مطمورة،والصلوب مغمورة ،والمناضل منسفحة،والحفر ناضحة،والقيعان مسندسة ،والوديان مطوسة..
فسجدتُ لله سجدة ولجأت إليه وأثنيت عليه، وان كنت لا أحصي ثناء عليه ،وقلت تعظيماً لأمره:((وما قدروا الله حق قدره )) فالحمد لله على ذلك ما انسكب قطر ، وانصدع فجر ؛ وتوقد قبس ، وتردد نفس ....
مقامة الغيث بعد الشدة --
الكاتب الاديب /عبدالمجيد محمد باعباد
مقامة الغيث بعد الشدة
الحمد لله البعيد في قُربه، القريب في بعده، المتعالي في رفيع مجده، عن الشيء وضده، يبدىء ويعيد، ويمتحن العبيد، ثم يفتح لهم أبواب جوده الوافر وفضله المديد. ((" وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد "))
اما بعد....
بعد أن أجدبت الأرض وطالت علينا الشدة،وقلت الأمطار سنيناً عدة، فأتى الله بالفرج من عنده ،فسقانا غيثاً غزيراً قطره،
، ورزقنا من خزائن نعمه ورفده، قال تعالى: (مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ)
إن لله تعالى في عباده أسرار ، لا تدركها الأفكار ، وأحكام ، لا تنالها الأوهام . . أمسك الغيث عن عباده عاماً بعد عام، فخاض كل منهم في بحر دمعه وعام.وساءت الظنون بظن السحاب، واشتاق التراب إلى سماع وقع الرباب. وظمأت الحياض، وعبست وجوه الرياض.
؛ وأذكت الشمس حرها ، ومنعت السماء رداها ؛ واكتست الأرض غبرة بعد خضرة ، ولبست شحوبا بعد نضرة ؛ورجفت الأكباد فزعاً ، وذهلت الألباب جزعاً ؛
فبينما هم يجرون أذيال الكآبة، ويرفعون الدعاء إلى مواطن الإجابة، تداركهم الله بألطف الخفي، وانثال عليهم المن الحفي، ونظر الله عليهم بعين حكمته، وحرك ساكن الرخاء لتجري بنعمته،(( وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته))،ثم بسط الله نعمته ، وأتاح منته ، وأزاح محنته .
فبعث الله الرياح وأخرجها من كنائنها ، وبعثها من خزائنها ؛فمدت أعناقها، وجدت إعناقها وركضت عادياتها، وجرت على أحسن عاداتها، فأقلت سحاباً ثقالاً،وكونت غماماً لا تجف جفونها ، ولا يخف أنينها، وألبست السماء جلبابها . وهي تجري بأذيالها،وقد مدت على الآفاق قبابها ونطاقها ، وزارت على أعناق الجبال أطواقها ،فلما تراكمت هذه السحائب، واجتمعت حولها الكتائب، واتسع صدرها، واستحكم أمرها،والتحم فتقها ، والتأم رتقها ؛وتهدل خملها ، وحان وضعها وفصال حملها،، لم تلبث حتى انحل خيط السماء ،و انقطع شريان الغمام،و أنهتك رواقها ، وأنبتك وشيكاً نطاقها ،وانبرت مدامعها تبكي بأجفان المشتاق ، غداة الفراق ،
فاستغربت الأرض ضحكا ببكائها ، واهتز رفات النبات طربا لتغريد مكائها ،وانسكبت بطلها وطشها، وسكنت رهج الغبراء برشها، وأروت الحرة برذاذها وهطلها، وأذهبت الحرقة بديمها ووبلها، وآثرت بجودها وجودها، والأرض قد فتحت لها أفواها ، وجرعت أمواها ،
حتى أخذت ريها من المطر ، وبلغت منه غاية الوطر ،، فبشرت بالقطر كل شائم ، وأنذرت بالورد كل حائم ،
(ومزنةٍ جادَ من أجفانِها المطرُ ... فالروضُ منتظمٌ والوردُ منتثرُ))
((ترى مواقعَه في الأرض لائحةً ... مثلَ الدراهمِ تبدو ثم تَسْتَتِرُ))
ما زال يلطمُ خدَّ الأرض وابلُها ... حتى وقتْ خَدَّها الغدرانُ والخُضَرُ)
كم أبدت إحساناً وبراً،، وأسدت معروفاً، وأغاثت ملهوفاً، وساقت إنعاماً، وسقت حرثاً وأنعاماً، وكفت هماً حين وكفت، وقرطت اّذان الأغصان وشنفت، وأنعشت أمواتاً، وأخرجت حباً ونباتاً، وكم نقعت غليلا،ونفعت عليلا،وملأت حياضا، وأذلت دراً مصوناً، وشرحت صدوراً، وأقرت عيوناً،ونشرت مطرفاً بعد الطي " وقد علم كل حي في الحي قوله :(وجعلنا من الماء كل شي حي) وصدع ليل اليأس صبح الرجاء ، وخلع عامل البأس وإلى الرخاء . ذلك تقدير اللطيف الخبير ، وتدبير العزيز القدير..
فأمسى الناس في عيشة راضية، يرفلون في حلل الرفاهية،
وقلوبهم ناعمة بعد بؤسها ، ووجوههم ضاحكة أثر عبوسها ؛ وأثار الجزع من صدورهم ممحوه ، وسور الثناء في أفواههم متلوه ؛ وألسنتهم مشتغلة بشكر علام الغيوب، وقلوبهم مطمئنة بذكره ((" ألا بذكر الله تطمئن القلوب ")) .
فخرجت شاكراً لله على جلائل آلائه ودقائق نعمائه.ورأيت الطرقات بالمياه ممتلئة ،والبرك متلالئه ،والكثبان والجدران متبلله ،والمسارب متهدله،والسواقي متدفقة،والضياع مطمورة،والصلوب مغمورة ،والمناضل منسفحة،والحفر ناضحة،والقيعان مسندسة ،والوديان مطوسة..
فسجدتُ لله سجدة ولجأت إليه وأثنيت عليه، وان كنت لا أحصي ثناء عليه ،وقلت تعظيماً لأمره:((وما قدروا الله حق قدره )) فالحمد لله على ذلك ما انسكب قطر ، وانصدع فجر ؛ وتوقد قبس ، وتردد نفس ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق