السبت، 5 مارس 2016

القصة قصيرة ♠ ♠ الغورية......بقلم ا.د/ محمد موسى


  القصة قصيرة ♠ ♠ ♠ ♠
♠ ♠ ♠ الغورية ♠ ♠ ♠
♠ ♠ هو يسكن فى شق ضيق فى حي الغورية ، غرفة واحد وفسه (صالة) ، وركن يسمى مطبخ به وابور عادة لا يستعمل ، وكبينيه (دورة مياه) ، يعيش مع أمه الضريرة ، وأب كسيح ، نجح في الثانةية العامة ، وأختار كلية الآداب ، حيث الدراسة لا تحتاج تفرغ ، وهو يعمل فى الأجازة ، وبعض الأيام بائع للأقمشة كما هو المعتاد بيعه فى هذا الحي ، والشق بيوته متلاصة تنعدم فيها الخصوصية ، فمصر تتكون من شوارع بها إنارة وأسماء راقية مثل شارع قصر النيل ، ثم يضيق الشارع الى حارات ، وللحارة أسماء غريبة مثل حارة العيش والملح ، وتضيق الحارة الى أذقة مثل ذقاق المدق ، وتضيق الأذقة الى دروب مثل درب المهابيل الموجود في السيدة زينب فى القاهرة ، ثم تضيق هذه الأذقة الى شق مثل شق الثعبان الذى لا مجاري فيه ولا إنارة ، ونكاد تتلاصق البيوت ، ولان السكان يلقون المياه على أرض الطريق ، لذلك تصبح الأرض كبركه ماء عفن تنشر الحشرات فيها وكذلك الرائحة الكريهه ، وأمام كل بيت توضع قطع من الأحجار حتى يسير السكان عليها عند خرجهم من بيوتهم ، حتى يصلوا الى مكان جاف ثم الى الشارع حيث يمكن أن يستقل الاتوبيس أو الترام وبطل قصتنا يستقل الأتوبيس إلى الجامعة في الصباح ، وقبل أن يذهب يأتي لامه وأبوه بطعام لا يختلف كل يوم عن الفول والطعمية والباذنجان وأحيانا بطاطس ، ويطمئن أنهما قد فطرا ، وبطل قصتنا يرتدي حذاء يلمعه كل يوم ويلبس معه شراب لا يخلو من الثقوب ، وبطلون يوضع تحت المرتبه حتى يظهر بدون كرمشه ، وقميص يبدو أنه فى يوم كان لونه أبيض ، ويحرص على عدم الإقتراب مع أحد من زملاء الدراسة ، حتى لا يطلب زيارته فى بيته الذي لا عنوان له ، ولم يحضر له في يوم من الأيام ساعي بريد ومضت سنوات الدراسة ، وحصل على الليسانس ، وحاول الحصول على عمل مستقر ، فقد ظن أن حصوله على الليسانس سوف يفتح له الأبواب ، وحتى الان خاب ظنه ، فاستمر يعمل بائعاً للأقمشة والملابس ، وفي مرة وهو يسير فى الطريق يفكر فى أمره ، ويمنى نفسه أن يحصل على عمل مستقر يمكنه من أن يسكن أمه وأبوه فى بيت يناسب سنهما ويقضيان أيامهما الأخيرة في راحة ، وبينما هو مشغول الفكر صدمته سيارة مسرعة كان يقودها رجل أعمال ، توقف الرجل وأخذه في سيارته وذهب به الى مستشفى خاصة ، فقد كسرت ساقه اليسرى وبعد عمل الإشعة أدخل الي غرفه في الدرجة الأولى ، وفرح بطلنا عندما وجد نفسه فى مستشفى نظيف وسرير نظيف تمنى أن يعيش طويلاً فى هذا المكان ، أخبره رجل الاعمال أنه سوف يتولى علاجه ولا داعي لإبلاغ الشرطة ، وسأله عن عمله فقال له: إنه يبحث عن عمل أخبره أنه سوف يعينه فى إحدى شركاته بعد شفائه ، وتذكر بطل قصتنا أمه وأبوه فهما لا يعيشان إلا بمساعدته ، فطلب من رجل الأعمال بعد أن أخبره أمرهما أن يأتيان هنا معه ، فقال له رجل الأعمال وإنه يتحمل تكاليف الإقامه معه مهما بلغت قيمة الفاتورة المشكله كانت كيفية إحضارهما الى هنا حيث لا عنوان له ، وهنا تذكر فأعطاه عنوان معلم كان يعمل عنده فى أول الغورية فعنوانه معروف ، وكتب له أن يحضر أبوه وأمه الى سيارة رجل الأعمال المنتظرة في الشارع وحضرت الأم والأب ، وأحضرت المستشفى لهما سريرين إضافين فى غرفته ، وطلب رجل الاعمال من المستشفى مراعاة الابوين صحياً ، ولما إنتهى العلاج أهداه رجل الأعمال شقة صغيرة فى عمارة له فى منطقة 6 اكتوبر ، وعين الابن فى شركه له قريبة من السكن ، وتغير الحال بفضل دعاء أبوين له لبره بهما ، وعرف فى مكان عمله بإجتهاده وإخلاصه مما أكسبه ثقة الأخرين بسرعة ، وعلم رجل الأعمال بثناء من معه على عمله فشجعه ، إهتم بثيابه وشكله ، وأحضر من يخدم أمه وأبوه ليتفرغ هو لعمله الذي سرعان ما تبؤ مركزاً مرموقاً فيه ، وتعرف على زميلة له لفت نظره اليها بساطتها ، وإخلاصها فى عملها ، مما أدى هذا الى أن يقتربا من بعضهما ، ا وبسرعة صارحها وروى لها تفاصيل حياته فوافقته وأخبرها أن أمه وأبوه هما قبل كل شئ حتى نفسه ، وتقدم لها وخطبها وجاءته مهمه فى دولة الإمارات خاصة بعمله بالشركة لمدة ثلاثة أشهرتردد في بداية الأمر خوفاً على أمه وأبوه ، ثم وافق في النهاية ، بعد أن قام بتوصية كل المحيطين به عليهما ، وأخبرالخطيبة وحتى لايضيع الوقت أن تعد شقة الزوجية وتحضر ما تريد ، والأهم أوصاها على إبيه وأمه
وسافر وقامت بإعداد شقة الزوجية بمعاونة بعض أهلها ، وأول ما إهتمت به هو إخراج الأم والأب من الشقة التي ستتزوج فيها وهذا بعيداً عن وصية زوج المستقبل ، كان فوق سطح العمارة غرفة خشبية للتخزين إستأجرتها ، وأعدتها للأب والأم وفرطت في الأمانة قد وصاها عليها من سيكون لها زوجا ، وبينما تعد الخادمة لهما الطعام اشتعلت الحريق فى الغرفه الخشبية ، وجرت الخادمة خارج الغرفة واختنق الأب والأم وماتا اعتقدت عروس المستقبل أن العريس سوف يسلم بالأمر الواقع ، ويتفرغ لها وعاد من سفره وأول ما سأل عن أبوه وأمه ، قال له أبوا قد توفاهما الله ، وتم عمل اللأزم لهما كأنك موجود ، وسأل كيف توفيا قالوا له قضاء الله وقدره ، كانت العروس قد إنتهت من تجهيزعش الزوجية وبينما هو يسأل من حوله ماذا حدث لأمه وأبوه أخبره رجل أمن العمارة بما حدث وطلب منه أل يخبر أحداً فإن أبو العروس قد أعطى الجميع امولاً على ألا يخبره أحد بما حدث ، كان هذا يوم إتمام الزواج وفى الحفل فى الليل أمسك العريس الميكروفون في قاعة الأفراح ، قبل عقد القران وسأل الحاضرين من وجهاء القوم سؤال ، قال لهم كيف يامن أحدكم على نفسه أن يتزوج من إمرأة كذابه وغير أمينه ، صمت الجميع وأقترب أبو العروس من العريس وهمس له ان الحي أبقى من المميت ، ولا داعي لهذا ولكنه أعاد السؤال وقال: أنا لا أقبل لذلك أنا أن أتزوج من تلك الكذابة والغير أمينة وترك المكان رغم تدخل الكثيرين ومضى والدموع في عينه حزناً على أبوه أبوه وأمه.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق