لعنةُ الفراعنةِ
(قصةٌ قصيرةٌ)
حين فتحت الدكتورة هيللين أدامز بريدها الالكتروني، فوجئت بالتهديد السافر، لم تستسلم، حاولت تتبع الرسالة، لكنها كانت تمحو نفسها ذاتيًّا بعد ثوانٍ، ابتسمت وقررت قبول التحدي!
أثارت تصريحاتها النافية للعنة الفراعنة عاصفة من ردود الأفعال المتباينة بين الاستهجان والموافقة والإشفاق على مصيرها.
بدأت متاعب عالمة الحفريات النابغة، بمجرد تخصصها في الآثار الفرعونية، بدءًا من سخرية زملائها الذين لقبوها ب"حفار القبور"، وانتهاءًا بأساتذتها الذين رفضوا الإشراف على رسالتها بحجج واهية. في شهور معدودة مات والداها الباحثان الجامعيان في حادث سير، انهار منزلها الريفي عقب مغادرتها بأيام، تراجع خطيبها عن إتمام الزواج وهاجر إلى بلد آخر، أصبحت نذير شؤم لكل من يمت لها بصلة.
استصدرت الموافقات المطلوبة وغادرت إلى أرض الفراعنة، نجت من ماس كهربائي بجهاز التكييف أشعل حجرتها بالفندق وتم السيطرة على الحريق بصعوبة، أيدٍ خفية عبثت بمحتويات حقائبها، لم يكف تليفونها عن الرنين وفي كل مرة تسمع على الجانب الآخر لهاثًا وصرخات مكتومة، ثم صمتًا كصمت القبور، مُلئ قلبها رعبًا لكن لم تلن لها قناة، لم يفت في عضدها رائحة الأتربة، التي لازمتها منذ قررت نقل المعركة إلى أرض الفراعنة، وحتى النهاية، رائحة تعرفها جيدًا، لا تنبعث إلا من المومياوات، ستائر الغرفة لم تكف عن الحركة رغم عدم وجود تيار هواء، خطوات رتيبة تذرع سطح غرفتها جيئة وذهابًا طوال الليل،التقطت عدستها المكبرة آثار أقدام، لأطفال وبالغين بحجم غير مألوف على سجادة الغرفة.
هل حقًّا أحاط الفراعنة كنوزهم بلعنة تلحق كل من يجرؤ على تدنيس مقدساتهم، وسرقة نفائسهم، وإزعاج الراقدين منهم؟ ألم ينفردوا بعلوم السحر والكيمياء والطب وفنون التحنيط وأسرار الفلك وخواص المواد، وامتلكوا مراكب الشمس، وبنوا الصروح الهندسية التى تحدت الزمن؟ ألا تتعامد الشمس على وجه الفرعون القابع في معبده يومين في العام: يوم مولده ويوم جلوسه على العرش؟ هل نشروا نوعًا من الميكروبات السامة، تتفاعل مع زفير الكائنات الحية بمجرد اقتحام الغرباء لحرم مراقدهم؟ أم أنهم دسوا نوعًا من السم البطئ، يفتك بالفضوليين الذين يلجون مقابرهم ويزعجون موتاهم؟ كانت على يقين أن ثمة تفسيرًا علميًّا معقولًا لكل شيء، لا بد أن عصابات نهب كنوز الفراعنة وراء الترويج لشائعة اللعنة، ذرًّا للرماد في العيون، وبثًّا للهلع في نفوس المنافسين والملاحقين لهم، وتغطية على جرائمهم في تصفية الخصوم.
غافلت المجموعة الداخلة للهرم الأكبر، انزوت في سرداب جانبي تعرفه من دراساتها، نزلت سلالم صخرية معدودة، زحفت أمتارًا ثم غمزت صخرة بعينها، أحست بالرهبة حين وجدت نفسها وجهًا لوجه أمام صاحب الصرح العظيم، كانت في غرفة الملك، وجسده مسجى أمامها، تفقدت الكمامة على وجهها في الوقت الذي تلقت رأسها صدمة شديدة أفقدتها الوعي.
وقف أخوها الأثري المتخصص في المصريات، يشرح للصحفيين ملابسات كشف مقبرة بجوار الهرم الأكبر، بها عدة جثث لعمال من بناة الهرم، وبينهم جثث بعض اللصوص، وجثة الدكتورة هيللن أدامز، بعد انهيار مفاجئ لسرداب داخلي بجوف الهرم، تجاهل الرد على سؤال حول ما إذا كان مصرعها له علاقة بلعنة الفراعنة. في طائرة العودة تم استدعاء طبيب الطوارئ لإسعاف حالة اختناق طارئة.
أحمد عبد السلام - مصر
حين فتحت الدكتورة هيللين أدامز بريدها الالكتروني، فوجئت بالتهديد السافر، لم تستسلم، حاولت تتبع الرسالة، لكنها كانت تمحو نفسها ذاتيًّا بعد ثوانٍ، ابتسمت وقررت قبول التحدي!
أثارت تصريحاتها النافية للعنة الفراعنة عاصفة من ردود الأفعال المتباينة بين الاستهجان والموافقة والإشفاق على مصيرها.
بدأت متاعب عالمة الحفريات النابغة، بمجرد تخصصها في الآثار الفرعونية، بدءًا من سخرية زملائها الذين لقبوها ب"حفار القبور"، وانتهاءًا بأساتذتها الذين رفضوا الإشراف على رسالتها بحجج واهية. في شهور معدودة مات والداها الباحثان الجامعيان في حادث سير، انهار منزلها الريفي عقب مغادرتها بأيام، تراجع خطيبها عن إتمام الزواج وهاجر إلى بلد آخر، أصبحت نذير شؤم لكل من يمت لها بصلة.
استصدرت الموافقات المطلوبة وغادرت إلى أرض الفراعنة، نجت من ماس كهربائي بجهاز التكييف أشعل حجرتها بالفندق وتم السيطرة على الحريق بصعوبة، أيدٍ خفية عبثت بمحتويات حقائبها، لم يكف تليفونها عن الرنين وفي كل مرة تسمع على الجانب الآخر لهاثًا وصرخات مكتومة، ثم صمتًا كصمت القبور، مُلئ قلبها رعبًا لكن لم تلن لها قناة، لم يفت في عضدها رائحة الأتربة، التي لازمتها منذ قررت نقل المعركة إلى أرض الفراعنة، وحتى النهاية، رائحة تعرفها جيدًا، لا تنبعث إلا من المومياوات، ستائر الغرفة لم تكف عن الحركة رغم عدم وجود تيار هواء، خطوات رتيبة تذرع سطح غرفتها جيئة وذهابًا طوال الليل،التقطت عدستها المكبرة آثار أقدام، لأطفال وبالغين بحجم غير مألوف على سجادة الغرفة.
هل حقًّا أحاط الفراعنة كنوزهم بلعنة تلحق كل من يجرؤ على تدنيس مقدساتهم، وسرقة نفائسهم، وإزعاج الراقدين منهم؟ ألم ينفردوا بعلوم السحر والكيمياء والطب وفنون التحنيط وأسرار الفلك وخواص المواد، وامتلكوا مراكب الشمس، وبنوا الصروح الهندسية التى تحدت الزمن؟ ألا تتعامد الشمس على وجه الفرعون القابع في معبده يومين في العام: يوم مولده ويوم جلوسه على العرش؟ هل نشروا نوعًا من الميكروبات السامة، تتفاعل مع زفير الكائنات الحية بمجرد اقتحام الغرباء لحرم مراقدهم؟ أم أنهم دسوا نوعًا من السم البطئ، يفتك بالفضوليين الذين يلجون مقابرهم ويزعجون موتاهم؟ كانت على يقين أن ثمة تفسيرًا علميًّا معقولًا لكل شيء، لا بد أن عصابات نهب كنوز الفراعنة وراء الترويج لشائعة اللعنة، ذرًّا للرماد في العيون، وبثًّا للهلع في نفوس المنافسين والملاحقين لهم، وتغطية على جرائمهم في تصفية الخصوم.
غافلت المجموعة الداخلة للهرم الأكبر، انزوت في سرداب جانبي تعرفه من دراساتها، نزلت سلالم صخرية معدودة، زحفت أمتارًا ثم غمزت صخرة بعينها، أحست بالرهبة حين وجدت نفسها وجهًا لوجه أمام صاحب الصرح العظيم، كانت في غرفة الملك، وجسده مسجى أمامها، تفقدت الكمامة على وجهها في الوقت الذي تلقت رأسها صدمة شديدة أفقدتها الوعي.
وقف أخوها الأثري المتخصص في المصريات، يشرح للصحفيين ملابسات كشف مقبرة بجوار الهرم الأكبر، بها عدة جثث لعمال من بناة الهرم، وبينهم جثث بعض اللصوص، وجثة الدكتورة هيللن أدامز، بعد انهيار مفاجئ لسرداب داخلي بجوف الهرم، تجاهل الرد على سؤال حول ما إذا كان مصرعها له علاقة بلعنة الفراعنة. في طائرة العودة تم استدعاء طبيب الطوارئ لإسعاف حالة اختناق طارئة.
أحمد عبد السلام - مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق