سرد قصصي
أبناء مميزون
أبناء مضطهدون!
بقلم
أحمد عبد اللطيف النجـــــار
كاتب عربي
&&& ليست قصة ،،، سرد قصصي يفوق القصة &&&
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعامل مع الأبناء بأسلوب فرّق تسُد ،سلوك شاذ وغير طبيعى ويعتبر خطيئـــة كبرى يحاسب الله عنها الآباء والأمهات أشد الحساب ،ويدفع الأبناء اللمميزون والمضطهدون معاً ثمنها الفادح المتمثل فى الآثار السلبية الوخيمة التى تنعكس عليهم فى حياتهم المستقبلية .
وليس من الإسلام فى شىء أن تُفـّرق فى معاملتك لأبنائك فتوّلد فى نفوســــــهم الضغينة والحقد ،مما يتنافى مطلقاً مع السلوك التربوى السليم فى تربية أبنائنا
ونحن نتأسى هنا بقدوتنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فلم نعــــرف
عنه أنه قام بالتمييز بين أولاده أو حتى أصحابه رضى الله عنهم أجمــــــــعين .
آه لو يعرف الآباء والأمهات خطورة الجرم الذى يرتكبونه فى تفريقــــــهم فى معاملة أبنائهم ، أما المضطهدون منهم فأن حلوقهم تعرف طعم المرارة منــــــذ الصغر ،وربما لازمتهم بعض آثارها إلى نهاية العمر ،بل وتنعكس عليـــــهم فى الإحساس المبالغ فيه بالإضطهاد خلال معاملتهم مع الآخرين مما يؤثر سلــــبياً على إستمتاعهم بالحياة ،وأما الأبناء المميزون من الأشقاء فأن تــــــــــمييزهم يطبعهم غالباً بالأنانية وإعتياد الأخذ دون العطاء !!
وهذا ما حدث وعاصرته فى قصة الفتاة المسكينة عواطف التى جاءتنى باكـــية تندب حظها التعس بسبب أب لا يعدل فى معاملته لها ولأخواتها سعاد وإحســان وسوسن ، تقول عواطف:
نحن أسرة مكونة من أب وأم وأربعة شقيقات ،والحمد لله فنحن متحابين تجمعنا كلنا علاقات الود خاصة بينى وبين أختى سوسن التى تكبرنى بسبع سنوات وقد لاحظت منذ فترة طويلة أن أبى يحبنى جداً فى حين يتعامل مع أختى سوسن بجفاء شديد ويشعرها بأنها إرتكبت خطأكبير خاصمها من أجله ست سنوات
عجاف متصلة لايحدثها خلاله ولا تحادثه !
تصّور يا أخى أن الخطأ الفاحش الذى يعاقبها عليه أبى هو أنها رققت حواجبها وهى طالبة بالجامعة ،والغريب حقاً أننى قمت بنفس العمل بعد ذلك بسنوات فلم يعاقبنى أبى وكان تفسيره لذلك هو أنى صغيرة وقد قلّدت أختى الكبرى!
حتى فى موضوع زواجها فقد تعّمد أبى تعقيد الأمور وطلب من عريسها شــبكة فخمة جداً وغالية الثمن وطبعاً خرج العريس ولم يعد !
بعد ذلك تقدم لها شاب آخر فاختلف أبى معه على المهر وخرج أيضاً ولم يعد،ثم مضت سنوات وتقدم إلى سوسن شاب ثالث على خـُلق ودين وذو إمكانيــــــــات مادية معقولة فرفضه أبى أيضاً وخرج ولم يعد !!
عند هذا الحد كنا نعيش جميعاً سعداء ،وقلنا إنها القسمة والنصيب ،وكــــــــانت أختى سوسن معى على ما يرام تحبنى وأحبها وأشعر أنه ليس لى فى الدنـــــــيا صديقة سواها .
تواصل عواطف حديثها : وصلت فى دراستى الجامعية إلى السنة الثالثة وتقدّم لى طبيب شاب إمكانياته محدودة لكنه على خـُلق وطموح، فحازعلى إعجـــــاب أبى ووافق عليه بلا تردد وبدون أى إعتراض ،بل وتساهل معه فقال أن الشبكة مسألة رمزية والمهر يمكن تأجيله ،وتمت قراءة الفاتحة وأنا فى منتهى السعادة
وفوجئت بعد ذلك بأن شقيقتى الكبرى سوسن تتغيّر من ناحيتى وتقارن بين موقف أبيها مع العرسان الذى تقدموا إليها ،وموقفه من عريسى الطبيب الشاب بل وتفسّر ذلك بأنه لا يريد لها أن تتزوج وأنه لايعدل فى معاملته لنا ،وأنه لو لم يضع تلك الشروط والعقبات فى طريقها لكانت الآن زوجة سعيدة منذ سنــوات .
حقيقة لقد حزنت كثيراً من أجلها ،تقول عواطف: وزاد حزنى لمّا بدأت سوســن تعاملنى بجفاء شديد وبعنف وتقول لى أن مشاعرها تجاهى قد ماتت واننى لست أختها وأن الجميع لم يتصرفوا معها كما ينبغى أن يفعل الأب والأم والأخ والأخت
وبدأت سوسن تقاطع الجميع ،لا تحّدث أحد منـّا ولا تأكل معنا وتدخل حــــجرتها وحيدة تبكى بلا إنقطاع فى النهار وفى الليل ، لقد تطـّور الأمر مع سوسن فبدأت تكّلم نفسها طوال النهار وخيّم الحزن على البيت وماتت البهجة فيه !
والأعجب من ذلك كله أن أبى لا يشعر بأنه ظلمها فى موضوع الخطـــــــــــبتين السابقتين ويقول إنها إرادة الله.
وهكذا نرى أن والد الفتاة المسكينة عواطف أخطأ فى حق نفسه وحــق أولاده ،
أما خطأوه فى حق نفسه فذلك بأنه لم يحاسبها ولم يعترف بالخطأ بل مــــا زال
عنيداً متكّبراً وكأنه العقل الراجح الوحيد فى هذا الكون !!
وخطأوه فى حق أولاده بأن عاملهم بمكيالين ولم يعدل بينهم فى المحبة والحنان والحقوق والواجبات ،ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم طالبنا بأن نسّوى بين أبنائنا حتى فى القـُبل !
أما المسكينة المظلومة سوسن فقد بالغت كثيراً فى تخيُلها أن والدها يكــرهها و
أنه لا يريد لها أن تتزوج ،فلا يتصور عاقل فى هذه الدنيا أنه يوجد أب لا يـــريد لأولاده الخير والسعادة ، لكن الذى حدث لسوسن كان مجرد سوء حظ أو لنـــقل سوء تصّرف من الأب بإعتبار أنها كانت التجربة الأولى فى موضوع زواج بناته
هكذا شاءت الأقدار فلم يتعلم الأب من أول تجربة ،فكان من الطبيعى عندما يتقدم
عريس طبيب شاب مناسب لأبنته الصغرى عواطف ، أن يوافق بلا تردد خوفاً من تكرار تجربته مع الإبنة الكبرى سوسن!! وهذا هو قدر الإبنة الكبرى أو الإبن
الأول فى أى عائلة ، لكن كل ذلك لا يعفيه من الخطأ الأكبر الذى إقترفه فى حــق أولاده ،فلا يجوز التفرقة بينهم فى كل المعاملات الدنيوية وحتى الأخروية ،مثــل أن يكتب (مثلاً) ميراثاً كبيراً لبعض الأبناء دون الآخرين!!
لأنه بذلك يترك لهم ميراثاً غليظاً من الحقد والحسد والكراهية ،بل والدعاء عليه
بدلاً من الدعاء له !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
كاتب عربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق