الاثنين، 13 نوفمبر 2017

** كباية شاى ** // بقلم الروائي القاص / محمد على عاشور // مجلة ~ قـــــيثارة القلم الذهبي


كباية شاى
قصة قصيرة بقلم/محمد على عاشور
إزيك يا حاج منتصر ، فينك من زمان ، والله لك وحشة .
قالها عبده باشا عندما رأى الحاج منتصر أمامه فى الطريق بعد صلاة العصر 
: والله مشاغل يا باشا ، والدنيا تلاهى . 
: تلاهى إيه يا راجل ، على الطلاق لازم تيجى تشرب معايا شاى 
دلوقت 
: أنا مش فاضى يا باشا ، خليها يوم تانى 
: أنا حلفت بالطلاق خلاص .. اتسبب بقى فى طلاق الولية 
انطلق عبده باشا وفى إثره الحاج منتصر ، يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى، لأنه يعلم أنه سيشرب أسود كباية شاى ، وأسود كباية شاى دائماً عند عبده باشا ، وعبده باشا ليس باشا ولا يملك أى شئ من أشياء الباشوات ، لا مال ولا أرض ، لكن هذا لقب عائلته الذى كان مصدراً للسخرية منه أيضاً، وكباية الشاى السوداء عند عبده باشا ليس بسبب لونها ، ولكن بسبب ما سيحدث أثناء شربها ؛ لأن عبده باشا تزوج من إمرأة سليطة اللسان يسمونها فى القرية الفرعون لجبروتها ، وهو ضعيف الشخصية ويحب دائماً أن يثبت أنه رجل أمام ضيوفه . 
ظل عبده باشا يسير وخلفه الحاج منتصر حتى وصلا إلى جزع نخلة فوق ترعة ما أن يعبرها حتى يكونا فى دار الباشا ركل الباشا الباب بقدمه وقال بصوت كله رجولة : الشاى يا وليه . 
خرجت المرأة من الداخل ونظرت إليهما وقالت : إنت جيت يا فالح .. يا ما جاب الغراب لأمه .. إزيك يا حاج منتصر ، اتفضل اقعد.
الحاج منتصر : يومئ برأسه ويشير بيده ولا يتكلم ، فقد كاد أن ينفجر بالضحك . 
جاءت المرأة بموقد غاز صغير وأشعلته ، وجلست تعمل الشاى ، وقد وضعت الموقد بين قدميها وقد مدت قدميها على أخرهما . 
ما تلمى رجلك يا ولية ، إنت ممدة فى وش الراجل ، هو أنا قاعد مش مالى عينيك ، اتلمى يا ولية ، قالها الباشا فى شخطة قوية . 
ردت عليه زوجته وقد أمسكت بموقد الغاز قائلة : ولولت عليك بدرى ، دا أنت راجل عرة صحيح . 
هب عبده باشا وقد استشاط غضباً ، وقد تعلق الحاج منتصر بجلبابه يحاوله إجلاسه ، لكن الباشا شد جلبابه بقوة من يد الحاج منتصر وذهب إلى زوجته وركلها فى مؤخرتها . 
: دا إنت باين يومك إسود النهارده : قالتها بعدما تلقت الركلة 
: إنت لسه بتطولى لسانك ، طب خدى ... ثم ركلها مرة أخرى ، وثالثة ، وفى المرة الرابعة تلقفت قدمه وأطبقت عليها بشدة ، والشرر يتطاير من عينيها ، ثم هبت واقفة وما زالت ممسكة بقدمه فسقط على ظهره وحاول أن يركلها وهو نائم لكنها جرته خلفها ، وهى تقسم أنها لن تفلت قدمه إلا بعد أن تلقيه فى الترعة . 
أخذت رأس عبده باشا تتخبط بالأرض كلما خطت زوجته خطوة ، ترتفع رأسه وتنخفض لترتطم بالأرض مرة أخرى ، فأنحنى عليه الحاج منتصر ، ورفع رأسه بيديه عن الأرض كأنه يحمل بطيخة يخشى عليها أن تكسر وسار ممسكاً بالرأس خلف المرأة . 
تجمع الناس ليخلصوا الباشا من يد زوجته ، تركهم الحاج وهو يضحك، ويقول : أنا كنت عارف إنها كباية شاى سودة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق