قصيدة : ذبائح معلقة في غرف التجميد – شعر د. أحمد محمود
بيروت 13 نوفمبر 2017
ها نحن نجلس كالأصنام في مكاتبنا
وكأننا نحيا في عصر الجليد
البرد القارص والصقيع يطاردنا
وكأنما نهرع بالهروب والشرود
حتى باتت ألواح الثلج تغلفنا
من شدة البرد العاصف والتبريد
فقدنا دفأنا، وحرارتنا وإنسانيتنا
صرنا ذبائح معلقة في غرف التجميد
تجمدت أيدينا، وأصابعنا وأطرافنا
وغدت هامدة بلا حراك كالجلاميد
البرد القاسي يلاحقنا ويسمرنا
ويسدد لنا ضرباته أقوى تسديد
ولهيب الشمس في الخارج يطوقنا
وفي داخل الغرفات يجمدنا الجليد
في الخارج بواد وفياف تصهرنا
وفي الداخل جبال ثليج تنمو ، وتعلو وتزيد
زمهرير التثليج يجلدنا و يجمدنا
عجيب أمر هذا الزمان العربيد
كالحيطان والجدران جمدنا وتحجرنا
فالبرد القارص أصلب من الحديد
هذا فمي يلفظ بخاراً من حنجرتي
وأسناني تصطق من حدة البرد الشديد
ما من هبة نار تسعفنا أو تدفئنا
فجسدي يقطن كهفاً من جليد
ونخاع العظم يؤلم ويوجع وكأننا
جثث ممددة في ثلاجات التفريز والتوريد
ألبعض منا بدا أبقاراً معلقة في مشرحة
والبعض الآخر أغناماً أضناها التصفيد
لا أدري ماذا أفعل كي أنجو
أأهرب إلى الحر أم أبقى مرتهناً لأنياب الجليد!!
إنا نجلس في غرف مقفلة
حتى غدونا نتكدس كأكياس التسميد
الأجدى لي أن أفتح نافذة
تتسلل منها الشمس تحت الجلود
فأطرد بعض هبات الصقيع
وأشعر من خلالها بالدفء والصمود
وأغدو إنساناً حياً ثانية
تدب فيه الروح والحياة من جديد
فالشعر لم يعد يتفجر من حنجرتي
سأذيبه بحرارة الشمس كي يغرد القصيد.
بقلمي د. أحمد محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق